1436/11/2
مثل الجليس الصالح والسوء عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ, وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ, وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً, وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ, وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)(1). شرح المفردات(2): (يُحْذِيكَ): بِضَمِّ أَوَّله وَمُهْمَلَة سَاكِنَة وَذَال مُعْجَمَة مَكْسُورَة أَيْ: (يُعْطِيك) وَزْنًا وَمَعْنًى, الإِحْذَاء: هُوَ الإِعْطَاء. (وَكِير الْحَدَّاد): بِكَسْرِ الْكَاف بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة مَعْرُوفٌ. (الكِيرِ): حَقِيقَتُهُ الْبِنَاءُ الَّذِي يُرَكَّبُ عَلَيْهِ الزِّقُّ, وَالزِّقُّ هُوَ الَّذِي يُنْفَخُ فِيهِ, فَأَطْلَقَ عَلَى الزِّقِّ اِسْمَ الْكِيرِ مَجَازًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ, وَقِيلَ: الْكِيرُ هُوَ الزِّقّ نَفْسُهُ, وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَاسْمُهُ الْكُورُ. (لاَ يَعْدَمُك): بِفَتْحِ أَوَّله وَكَذَلِكَ الدَّال مِن الْعَدَم, أَي: لاَ يَعْدَمك إِحْدَى الْخُصْلَتَيْنِ, أَي: لاَ يَعْدُوك, تَقُول: لَيْسَ يَعْدَمنِي هَذَا الأَمْر, أي: لَيْسَ يَعْدُونِي. شرح الحديث: اقتضت حكمة الله تعالى فى خلقه أن جعل الإنسان ميالاً بطبعه إلى مخالطة الآخرين ومجالستهم والاجتماع بهم. قال ابن حجر: وَفِي الْحَدِيث النَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ مَنْ يُتَأَذَّى بِمُجَالَسَتِهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا, وَالتَّرْغِيب فِي مُجَالَسَة منْ يُنْتَفَع بِمُجَالَسَتِهِ فِيهِمَا(3). وقال النووي: فِيهِ تَمْثِيله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَلِيس الصَّالِح بِحَامِلِ الْمِسْك, وَالْجَلِيس السُّوء بِنَافِخِ الْكِير, وَفِيهِ فَضِيلَة مُجَالَسَة الصَّالِحِينَ وَأَهْل الْخَيْر وَالْمُرُوءَة وَمَكَارِم الأَخْلاَق وَالْوَرَع وَالْعِلْم وَالأَدَب, وَالنَّهْي عَنْ مُجَالَسَة أَهْل الشَّرّ وَأَهْل الْبِدَع, وَمَنْ يَغْتَاب النَّاس, أَوْ يَكْثُر فُجْرُهُ وَبَطَالَته, وَنَحْو ذَلِكَ مِن الأَنْوَاع الْمَذْمُومَة(4). فوائد الحديث: أ- فضل مجالسة الصالحين والأخيار والترغيب فيها، والتي من ثمراتها: عن المرء لا تسلْ وسلْ عـن قرينـه فـكـل قريـنٍ بالمقـارِن يقتـدي إذا كنت فـي قوم فصاحبْ خيارَهم ولا تصحبِ الأردى فتردَى معَ الرَّدِيِ ب- التحذير من مجالسة الأشرار وجلساء السوء، والتي من أضرارها: 3- التأثر بالعادات السيئة والأخلاق الرديئة لجليس السوء.
وهذه المجالسة لها أثرها الواضح فى فكر الإنسان ومنهجه، وسلوكه، وربما كانت سبباً فعالاً فى مصير الإنسان وسعادته الدنيوية والأخروية. وقد دل على ذلك الشرع والعقل والواقع.
فالظالم يندم يوم القيامة ويأسف لمصاحبة من ضل وانحرف فكان سبباً فى ضلاله وانحرافه (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً) [الفرقان 27].
1- أن من يجالسهم تشمله بركة مَجالِسِهم، ويعمُّه الخيُر الحاصلُ لهم وإن لم يكن عمله بالغاً مبلغَهم، فهم القوم لا يشقى بهم جليسُهم.
2- التأثر بهم، فالمرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.
ولقد أحسن من قال:
3- تبصرته بعيوبه لإصلاحها، فالمؤمن مرآة أخيه، إن رأى فيه ما لا يعجبه سدّده وقوّمه، وحاطه وحفظه في السر والعلانية.
4- أهل الخير يدلون من يجالسهم على أمثالهم فتنتفع بمعرفتهم.
5- انكفاف جليسهم عن المعصية، وحفظ وقته، وعمارته بما ينفعه.
6- رؤية الصالحين تذكّر بالله سبحانه، فإذا حصل لمن رآهم هذا الخير، فكيف بمن يجالسهم؟
7 - الصالحون زيْن وأُنس في الرخاء، وعُدّة في البلاء، وذخر بعد الموت بدعائهم لصاحبهم وجليسهم.
8 - مجالسة سبب لمحبة الله تعالى للعبد، ففي الحديث: (وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في)(5).
1- أنه قد يشكك جليسه فى معتقداته الصحيحة ويصرفُه عنها، كما هو حال أهل النار (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ، يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ، أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) [الصافات 53:51].
وانظر إلى وفاة أبى طالب على الكفر بسبب جلسائه حين قالوا له: أترغب عن ملة عبد المطلب، فمات عليها.
2- جليس السوء يدعو جليسه إلى مماثلته في الوقوع في المحرمات والمنكرات، لمحبة صاحب المنكر موافقة غيره له في أفعاله السيئة، ولأن مخالطته تذكّر بالمعصية وتحمل عليها.
4- الجليس السيئ يعرفك بأصدقاء السوء الذين لا تخلو مجالسهم من غيبة ونميمة، وتُحرَمُ بسببه من مجالسة الصالحين، الذين يعمرون أوقاتهم بطاعة الله تعالى وذكره.
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق