1436/10/28
مثل الإثار عن إِيَاس بْن سَلَمَةَ - في حديث طويل - قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً َلاَ تُرْوِيهَا, قَالَ: فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ, فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصَقَ فِيهَا, قَالَ: فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا, قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ, قَالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ, ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطٍ مِن النَّاسِ قَالَ: بَايِعْ يَا سَلَمَةُ, قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ, قَالَ: وَأَيْضًا. قَالَ: وَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزِلاً يَعْنِي لَيْسَ مَعَهُ سِلاَحٌ, قَالَ: فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً, ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ: أَلاَ تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي أَوْسَطِ النَّاسِ, قَالَ: وَأَيْضًا. قَالَ: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ. ثُمَّ قَالَ لِي: يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلاً فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا, قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي. الحديث(1). شرح المفردات(2): (الْجَبَا): بِفَتْحِ الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحَّدَة مَقْصُور, وَهِيَ مَا حَوْل الْبِئْر. (والرَّكِيّ): هُوَ الْبِئْر, وَالْمَشْهُور فِي اللُّغَة: رَكِيّ بِغَيْرِ هَاء, وَوَقَعَ هُنَا الرَّكِيَّة بِالْهَاءِ, وَهِيَ لُغَة حَكَاهَا الأَصْمَعِيّ وَغَيْره. (بَصَقَ): ويأتي: ( بَسَقَ ) بِالسِّينِ, وَهِيَ صَحِيحَة يُقَال: ( بَزَقَ وَبَصَقَ وَبَسَقَ ) ثَلاَث لُغَات بِمَعْنًى, وَالسِّين قَلِيلَة الاسْتِعْمَال. ( جَاشَتْ ): أي: ارْتَفَعَتْ وَفَاضَتْ, يُقَال: جَاشَ الشَّيْء يَجِيش جَيَشَانًا إِذَا ارْتَفَعَ. ( عَزِلاً ) الذِي لاَ سِلاح مَعَهُ. ( حَجَفَة أَوْ دَرَقَة ): هُمَا شَبِيهَتَانِ بِالتُّرْسِ. ( اللَّهُمَّ اِبْغِنِي حَبِيبًا ) أي: أَعْطِنِي. شرح الحديث: في الحديث بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من ضيق ذات اليد، وأن ذلك لم يمنعهم من أن يؤثروا على أنفسهم، كما جرى من سلمة بن الأكوع_ رضي الله عنه_ مع عمه لما وجده بلا سلح، حيث بذل له سلاحه، وبقي بلا سلاح. وقد أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. فوائد الحديث: 1- فيه علم من أعلام نبوة النبي صلى الله عليه وسلم لما جرى من البركة في الماء بدعائه وبصقه في الماء. 2- تفقد النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ونصحه لهم، وثنائه على من أحسن منهم. 3- في الحديث بيان ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من أوصاف حميدة، وأخلاق عظيمة، من النصرة والشجاعة والتراحم فيما بينهم، وغيرها من الخصال الكريمة. 4- فضل سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-، حيث آثر عمه على نفسه، وقد أثنى الله تبارك وتعالى الأنصار في محكم تنزيله، فقال تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة الحشر: 9]. (1) صحيح مسلم، برقم: (1807). (2) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 175.
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق