1436/7/1
ذكر ما يتعلق برجب من أحكام يتعلق بشهر رجب أحكام كثيرة؛ فمنها ما كان في الجاهلية و اختلف العلماء في استمراره الإسلام كتحريم القتال وكالذبائح المعينة، ومنها مااستجد في الإسلام كالصلاة والصيام والعمرة المعينة ونحو ذلك. وتفصيل ذلك فيما يلي : 1 ـ قد سبق ذكر خلاف العلماء في حكم القتال في الأشهر الحرم وهل تحريمه باق أو نسخ في الحلقة السابقة . 2 ـ أما بالنسبة للذبائح، فإنهم كانوا في الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها العتيرة. و اختلف العلماء في حكمها في الإسلام؛ فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها و في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لافرع و لاعتيرة ) البخاري (5473و5474) ومسلم (1976) . ومنهم من قال : بل هي مستحبة، منهم ابن سيرين و حكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة . وجاء في ذلك عدة أحاديث في السنن ، اعتنى بجمعها النسائي في سننه وترجم لها بكتاب الفرع والعتيرة، ثم عقد بابا لتفسير الفرع وبابا لتفسير العتيرة في سننه 7/167ـ171. فمن رأى مشروعيتها استدل بهذه الأحاديث، وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث و بين حديث ( لا فرع و لا عتيرة ) بأن المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من الذبح لغير الله، وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب. ومن العلماء من قال : حديث أبي هريرة أصح من هذه الأحاديث و أثبت فيكون العمل عليه دونها و هذه طريقة الإمام أحمد . ويشبه الذبح في رجب اتخاذه موسما وعيدا، كأكل الحلوى و نحوها. و قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيدا . وأصل هذا : أنه لا يشرع أن يتخذ المسلمون عيدا إلا ما جاءت الشريعة باتخاذه عيدا و هو يوم الفطر و يوم الأضحى و أيام التشريق و هي أعياد العام و يوم الجمعة و هو عيد الأسبوع، و ما عدا ذلك فاتخاذه عيدا و موسما بدعة لا أصل له في الشريعة. 3 ـ ومن أحكام رجب ما ورد فيه من الصلاة و الصيام و الاعتمار . فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، و الأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب و باطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء. وممن ذكر ذلك من أعيان العلماء المتأخرين من الحفاظ أبو إسماعيل الأنصاري و أبو بكر بن السمعاني و أبو الفضل بن ناصر وأبو الفرج بن الجوزي وأبو الفرج بن رجب وغيرهم، وإنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم و أول ما ظهرت بعد الأربعمائة فلذلك لم يعرفها المتقدمون و لم يتكلموا فيها . 4 ـ وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه . وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أمر رجلا أن يصوم الحرم . رواه أبو داود 2/ 322 ـ323 (2428), والنسائي في الكبرى 2/139ـ140, وابن ماجه1/554(1741), وأحمد 5/28 والبيهقي 4/291 وغيرهم من طريق أبي السليل عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها مرفوعا, وقيل: أبي مجيبة الباهلي. والأرجح أنها امرأة وفيها جهالة, وهذا علة الحديث.انظر الميزان 3/440، وضعيف أبي داود (419). وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها منهم ابن عمر و الحسن البصري و أبو إسحاق السبيعي. وخرج ابن ماجه (1743) بإسناد فيه ضعف عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صيام رجب . والصحيح وقفه على ابن عباس كما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7854) . وعن ابن عباس أنه كره أن يصام رجب كله ، وعن ابن عمر و ابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياما ، وكرهه أنس أيضا و سعيد بن جبير. وكره صيام رجب كله يحيى بن سعيد الأنصاري و الإمام أحمد و قال : يفطر منه يوما أو يومين ، و حكاه عن ابن عمر و ابن عباس . وقال الشافعي في القديم : أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان ، واحتج بحديث عائشة : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل شهرا قط إلا رمضان ) قال : و كذلك يوما من بين الأيام ، وقال : إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب ، وإن فعل فحسن . وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهرا آخر تطوعا عند بعض الفقهاء ، مثل أن يصوم الأشهر الحرم ، أو يصوم رجب و شعبان . وقد جاء عن ابن عمر و غيره صيام الأشهر الحرم و المنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر . 5 ـ وأما الاعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتمر في رجب فأنكرت ذلك عائشة عليه و هو يسمع فسكت . واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره ، وكانت عائشة تفعله وابن عمر أيضا ، و نقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه ؛ فإن أفضل الأنساك أن يؤتى بالحج في سفرة و العمرة في سفرة أخرى في غير أشهر الحج ، وذلك جملة إتمام الحج و العمرة المأمور به .كذلك قاله جمهور الصحابة : كعمر و عثمان و علي و غيرهم . 6 ـ ورد في الحديث عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل رجب قال : (اللهم بارك لنا في رجب و شعبان، وبلغنا رمضان) رواه أحمد1/259 وابن السني في عمل اليوم والليلة (658) والبزار (616/كشف الأستار) ، لكن الحديث ضعيف ؛ لأن في إسناده زائدة بن أبي الرقاد وهو منكر الحديث. 7 ـ روي : أنه في شهر رجب حوادث عظيمة و لم يصح شيء من ذلك . فروي أن النبي صلى الله عليه و سلم ولد في أول ليلة منه و أنه بعث في السابع و العشرين منه ، وقيل في الخامس و العشرين و لا يصح شيء من ذلك . وروى بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه و سلم كان في سابع و عشرين من رجب ، و أنكر ذلك إبراهيم الحربي و غيره . و روي عن قيس بن عباد قال في اليوم العاشر من رجب : { يمحو الله ما يشاء و يثبت } وكان أهل الجاهلية يتحرون الدعاء فيه على الظالم و كان يستجاب لهم و لهم في ذلك أخبار مشهورة قد ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب مجاب الدعوة و غيره . 8 ـ شهر رجب مفتاح أشهر الخير و البركة قال أبو بكر الوراق البلخي : شهر رجب شهر للزرع و شعبان شهر السقي للزرع و رمضان شهر حصاد الزرع و عنه قال : مثل شهر رجب مثل الريح و مثل شعبان مثل الغيم و مثل رمضان مثل القطر و قال بعضهم : السنة مثل الشجرة و شهر رجب أيام توريقها و شعبان أيام تفريعها و رمضان أيام قطفها و المؤمنون قطافها جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر و بمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر بيض صحيفتك السوداء في رجب بصالح العمل المنجي من اللهـب شهر حرام أتي من أشهر حــرم إذا دعا الله داع فيه لم يخــب طوبى لعبد زكى فيه له عمـــل فكف فيه عن الفحشاء و الريب انتهاز الفرصة بالعمل في هذا الشهر غنيمة، واغتنام أوقاته بالطاعات له فضيلة عظيمة .
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق