1435/3/15
حديث(إِنَّ الْكَذِبَ يُكْتَبُ كَذِبًا حَتَّى تُكْتَبَ الْكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً ) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: كُنْتُ صَاحِبَةَ عَائِشَةَ الَّتِي هَيَّأَتْهَا وَأَدْخَلَتْهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعِي نِسْوَةٌ، قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا عِنْدَهُ قِرًى إِلاَّ قَدَحًا مِنْ لَبَنٍ، قَالَتْ: فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَةَ، فَاسْتَحْيَتْ الْجَارِيَةُ، فَقُلْنَا: لاَ تَرُدِّي يَدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، خُذِي مِنْهُ، فَأَخَذَتْهُ عَلَى حَيَاءٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلِي صَوَاحِبَكِ ». فَقُلْنَا: لاَ نَشْتَهِهِ، فَقَالَ: « لاَ تَجْمَعْنَ جُوعًا وَكَذِبًا »، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قَالَتْ إِحْدَانَا لِشَيْءٍ تَشْتَهِيهِ لاَ أَشْتَهِيهِ يُعَدُّ ذَلِكَ كَذِبًا ؟! قَالَ: « إِنَّ الْكَذِبَ يُكْتَبُ كَذِبًا حَتَّى تُكْتَبَ الْكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً ». (1) غريب الحديث : قِرَى : القاف والراء والحرف المعتل أصل صحيح يدل على جمع (2) ، وهو الطعام الذي يقدم للضَّيْفِ (3) . قدحـًا : القَدَحُ ما يغرفُ به الشيء ويشرب فيه (4) ، أو هو من الآنية، ما يروي الرجلين والثلاثة وجمعه أَقْدَاحٌ (5) . من فوائد الحديث : 1/ ابتدار النبي صلى الله عليه وسلم إلى إنكار الكذب، فإنه يورث في ذلك المقام جمعًا بين خسارة دينية ودنيوية (6) . 2/ الترغيب في الصدق، وهو مطابقة القول الضمير والمخبر عنه، وهو من محاسن هذا الدين، ومكارم الأخلاق، وسمة نبينا صلى الله عليه وسلم التي كان بها يعرف (7) . 3/ الكذب من قبائح الذنوب، وفواحش العيوب، وأمراض القلوب، تتفاوتُ مراتب حرمته بما يحدثه من ضرر، وما يجر من أذىً، وصغاره وكباره مكتوبة في صحائف العبد. وما وقع من صواحب عائشة –رضي الله عنهن- من أدنى مراتبه، وأخف أحواله، مما اعتاده اللسان ولم يوجب فسقًا، ومع ذلك فقد نفّر النبي صلى الله عليه وسلم من التساهل به، وحظهن على التورّع عن التسامح بمثله، لئلا تألفه النفوس، وتشربه الطباع فيهون عليها ارتياده، ويكون سببًا إلى دخول النار (8) . عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الصدق يهدي إلى البرّ، وإن البرّ يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صدّيقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإنّ الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذّابًا » (9) . 4/ فيه فضيلة تحري الصدق ولاشتهار به حتى لا يطعن المتحدث بكذب أو يلحقه ندم، فيكون مرجعه إلى الحق ومنزعه إلى الصدق جبلّة لا تفارقه وسمةً لاتنفك عنه، فالحق أقوى معين والصدق أفضل قرين، وهو منجاة وما سواه هلكة (10) . 5/ فيه تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله والأدب عند سؤاله وشدة الحياء منه. قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) (11) . 6/ وفيه زهد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتقلّله من الطعام ورضاه باليسير منه، وجوده بهذا اليسير وإيثار الحاضرات به . 7/ أثر تناول الطعام في إدخال الألفة والسرور بين العروسين ، وسائر الأضياف . وتقديمه صلى الله عليه وسلم اللبن لعائشة –رضي الله عنها- إثبات لتلك المودّة، وإذنه لها أن تسقي صواحبها امتصاص لمشاعر الخوف والقلق والحياء التي أوجفت قلب الجارية، ترقّبـًا لهذه الليلة. 8/ دخـول النساء على رسـول الله صلى الله عليه وسلم ليلة عرسـه كان قبل أن يضرب الحجاب سنة (5هـ) وزواجه بعائشة –رضي الله عنه- قبل الهجرة بسنتين (12) . 9/ مشروعية تزيين العروس وإحسان هيئتها للدخول بها على زوجها ولا بأس أن يتولى ذلك من يحسنه من صوا (1) رواه أحمد (6/438) و والطبراني في الكبير (24/155 ح400) والبيهقي في شعب الإيمان (4/210 ح4821) . وله شاهد، روته أسماء بنت يزيد –رضي الله عنها- أخرجه أحمد (6/452) عن أسماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا تجمعن جوعًا وكذبًا » وفي (6/458)وليس فيه سؤال المرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، و رواه الحميدي (1/179 ح367) مطولاً وفيه قصَّةٌ . قال الهيثمي: أسماء بنت عميس كانت بأرض الحبشة مع زوجها جعفر حين تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، والصواب حديث أسماء بنت يزيد والله أعلم وحديث أسماء بنت يزيد حسن لأجل شهر بن حوشب . مجمع الزوائد (4/54) مصباح الزجاجة (4/15) (2) معجم مقاييس اللغة (ص852) . (3) لسان العرب (15/178)، مختار الصحاح (ص223) . (4) معجم مقاييس اللغة (ص848) . (5) مختار الصحاح (ص219)، مشارق الأنوار (2/213)، النهاية (4/20) . (6) ينظر: شرح سنن ابن ماجه (ص237) . (7) ينظر: فتح الباري (10/622) . (8) ينظر: إحياء علوم الدين (3/140)، إعلام الموقعين (1/119)، أدب الدنيا والدين (ص224). (9) رواه البخاري (514 ح6094) و مسلم (1133 ح2607) . (10) ينظر: أدب الدنيا والدين (ص226- 228) . (11) سورة الحجرات، الآية: 2 . (12) ينظر: زاد المعاد (3/266) .
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق