1437/1/21
عاتكة بنت يزيد بن معاوية
(العالمة السّخيّة)
امرأة فريدة في تاريخنا الإسلامي، إذ كان اثنا عشر خليفة من خلفائنا محارم لها تضع الخمار بين أيديهم، فأبوها يزيد بن معاوية، وأخوها معاوية بن يزيد، وجدها معاوية بن أبي سفيان، وزوجها عبد الملك بن مروان، وأبو زوجها مروان بن الحكم، وابنها يزيد بن عبد الملك، وبنو زوجها الوليد وسليمان وهشام، وابن ابنها الوليد بن يزيد، وابن ابن زوجها يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وإبراهيم بن الوليد، وهو ابن ابن زوجها أيضاً.
إنها عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموية القرشية، كانت من شهيرات النساء في عصرها لا لحسبها ونسبها فقط؛ بل لعلمها وفضلها، فقد عاشت في عصر التابعين، عصر العلماء والمحدثين والفقهاء، فنهلت من علمهم، وأخذت عنهم، حتى عدّها ابن زرعة ممن حدّث بالشام من النساء.
فلم يشغلها الحسب والنسب واشتغالها برعاية زوجها الخليفة عن طلب العلم من أهله، فطمحت إليه لتزداد به شرفاً على نسب، وفضلاً على فضل، راغبة فيما عند الله من الجزاء الأوفى للعلماء.
كما اشتُهر عن عاتكة أيضاً سخاؤها وجودها على الفقراء والمحتاجين، ذلك أنها ضمت بين جوانحها قلباً فيّاضاً بالعطف عليهم وتفقد حاجاتهم، فقد زادها طلب العلم نبلاً في العطاء، وهمة للتقرب إلى الله تعالى في هؤلاء المساكين، حتى يُروى أنها أنفقت مالها كله على الفقراء من آل سفيان؛ إذ أورد صاحب تاريخ مدينة دمشق أن زوجها عبد الملك بن مروان قال لها: " لو أشْهدْتِ بمالك لولدك. قالت: أَدْخِلْ علي عدة من ثقات مواليّ حتى أُشْهدهم، فوجّه إليها بعدد منهم، ووجّه معهم رَوْح بن زنباع فأبلغها "روح" الرسالة، فقالت: يا روح ! بَنيّ في غنَى عن مالي بأبيهم وموضعهم من الخلافة، ولكن أُشهدكم أنّي قد أوقفت(1) جميع مالي على آل أبي سفيان، فهم إلى ذلك أحوج لتغيّر حالهم...).
وعندما سمع روح بن زنباع منها ذلك خرج إلى عبد الملك بن مروان، وقد تغيّر لونه، فسأله عبد الملك عن ذلك، فقال: وَجّهْتنِي إلى معاوية جالسُ في أثوابه(2) ! وأخبره الخبر(3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوقفته: أي جعلته وقفاً.
(2) يقصد أنها أشبهت جدّها معاوية، فكأنها هو جالس في أثوابه.
(3) ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق، "تراجم النساء" ، ص203،206، دار الفكر.
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق