1436/11/25
حديث ( إِنَّكِ لَابْنَةُ نَبِيٍّ )
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَلَغَ صَفِيَّةَ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ بِنْتُ يَهُودِيٍّ فَبَكَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ ؟ فَقَالَتْ : قَالَتْ لِي حَفْصَةُ إِنِّي ابنة يَهُودِيٍّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّكِ لَابْنَةُ نَبِيٍّ وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟ ثُمَّ قَالَ اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ ) . (1) من فوائد الحديث: 1/ اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأحوال أزواجه إلى جانب احتمال هموم أمته، ومراعاتهنّ برحمته وسداد حكمته، ومما يشهد ذلك ملاحظته - عليه السلام – ملامح الحزن والأسى على وجه زوجه صفية - رضي الله عنها - ، ومبادرته إلى ملاطفتها والسؤال عن حالها بقوله: «مَا يُبْكِيْكِ؟ ». فتفصح عن سرِّ بكائها وسبب بلائها، فيجيبها الحبيب صلى الله عليه وسلم بما يشفي صدرها ويستلُّ الغيظ من قلبها بقوله: «وَإِنَّكِ لابنةُ نبيٍّ، وإنَّ عَمَّك لنبيٌّ وإنَّك لتحت نَبيٍّ! » فشرف النبوة لصيق بها يكتنفها – دون سائر أزواجه – من كل جانب من جهة الأبوة والعمومة والزوجية فأي شرفٍ أجلُّ من هذا؟ ثم يتابع عليه الصلاة السلام دفاعه عنها تطييبًا لخاطرها والتماسًا لرضاها فيتساءل بدهشة: « بم تفخر عليك » ؟! إمعانًا في تعظيم شأنها والتأكيد على فضلها. 2/ يستحب لمن رأى مهمومًا أو مكروبًا أن يفرِّج عنه بالكلمة الطيبة والنصيحة المشفقة، ويسليه بما يليق من الثناء الحسن والتفاؤل بالخير . 3/ فيه مواجهةُ المسيءِ بجميلِ العتابِ، ورقيق الخطابِ المناسبِ للجرمِ الذي أصَابَ. ألا ترى إلى موعظته حفصة - رضي الله عنها - وتذكيرها بالله سبحانه والحذر من مخالفته وعقابه بترك مثل هذا الكلام الذي هو من عادات الجاهلية وفخرها. لقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم لها نصيحته البليغة في كلمةٍ مؤثرة موجزة: « اتَّقي اللهَ يَا حَفْصَة »! وحينما تسرف إحدى أزواجه عليه الصلاة والسلام في تعيير صفية - رضي الله عنها - وتفرط في شتمها بالسب الفاحش وهو وصفها (باليهودية) التي برئت منها بعد إسلامها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يشتدُّ غضبًا لانتهاك حرمتها والطَّعن في دينها، ويتَّخذ عليه السلام موقفًا حازمًا، وعقابًا مؤلمًا ألا وهو الهجران. جاء في الحديث عن عائشة – رضي الله عنها - : أنَّه اعتل بعير لصفية بنت حيي وعند زينب فضل ظهر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب: اعطيها بعيرًا فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرها ذا الحجَّة والمحرم وبعض صفر (2) . 4/ من خصائص أم المؤمنين صفية - رضي الله عنها - أنها سليلة أنبياءٍ، أبوها حيي بن أخطب من ولد كعب بن أبي حبيب وهو من سبط لاوي بن يعقوب عليه السلام ثم من ذرية هارون بن عمران أخي موسى عليهما السلام (3) . (1) رواه الترمذي (2050ح 3894) و النسائي (5/291ح 8919) وعبد بن حميد في مسنده (ص373ح 1248) ومن طريقه رواه المقدسي في المختارة (5/173ح 1796) ورواه أحمد (3/135ح 12415) والطبراني في الكبير (24/70ح 186). و أبو يعلى في مسنده (6/158ح 3437) و ابن حبان في صحيحه (16/193ح 7211) . وله شاهد من حديث صفية بنت حيي: رواه الترمذي في: المناقب، الباب السابق (2050ح 3892) بسنده عن صفية. ورواه الحاكم في مستدركه (4/31ح 6790)، والطبراني في الكبير (24/75ح 196)، وفي الأوسط (8/236ح 8503). ولفظه – عند الترمذي – قَالتْ صَفِيَّةُ: دَخَلَ عليَّ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حفصةَ وعَائِشَةَ كلامٌ فذكرتُ ذلك له. فقال: أَلاَ قُلْتِ فَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا منيِّ؟ وزوجي مُحمدٌ وأبي هَارونْ وعَمِّي موسى. وكان الذي بَلَغَها أَنَّهم قَالُوا نحنُ أكرمُ علىَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْها، وقَالوا نحنُ أزواج رُسولِ الله صلى الله عليه وسلم وبناتُ عمِّه.قال الترمذي: وهذا حديث غريب لا نعرفه من حديث صفية إلا من حديث هاشم الكوفي وليس إسناده بذلك القوي. والراجح تصحيح حديث المتن، فإن ما يخشى من احتمال الخطأ والوهم عند عبد الرزاق قد زال برواية الثقات عنه قبل اختلاطه وتلقُّنه، وممن روى عنه قبل أن يعمى أحمد بن حنبل فروايته عنه صحيحة. وما نسب إلى معمر من الأغاليط قد احتمل لكثرة ما روى و أما الشاهد فضعيف .الكاشف (2/332)، التقريب (ص570). (2) رواه أبو داود (1561ح 4602) و أحمد في مسنده (6/337 )بسنده عن صفية بنت حيي : أن النبي صلى الله عليه وسلم حج بنسائه – في حديث طويل فيه: قوله لزينب بنت جحش: يا زينب أفقري أختك صفية جملاً وكانت من أكثرهن ظهرًا، فقالت: «أنا أفقر يهوديتك، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك منها فهجرها فلم يكلمها حتى قدم مكة وأيام منى في سفره، حتى رجع إلى المدينة المحرم وصفر فلم يَأْيِها ولم يقسم لها ويئست منه، فلما كان شهر ربيع الأول دخل عليها .. » الحديث. قال المنذري: رواه أبو داود عن سمية عن صفية، وسمية لم تنسب (الترغيب 3/327)، قال الهيثمي: رواه أحمد وفيه سميّة روى لها أبو داود وغيره، ولم يضعِّفها أحد وبقية رجاله ثقات. (مجمع الزوائد 4/321). (3) الإصابة (7/739)، الاستيعاب (4/1871)، أسد الغابة (6/169).
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق