1436/3/29
حديث (بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ... ) عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآْخَرُ أَبُو رُهْمٍ - إِمَّا قَالَ: بِضْعٌ وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي - فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَقَمْنَا، مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ أُنَاسٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا - يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ -: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ . وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ - وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا - عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَتْ : أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، قَالَ عُمَرُ: الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ، قَالَ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكُمْ فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ وَكُنَّا فِي دَارِ - أَوْ فِي أَرْضِ - الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَايْمُ اللَّهِ لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لاَ أَكْذِبُ وَلاَ أَزِيغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهِ . فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ : « فَمَا قُلْتِ لَهُ ؟ ». قَالَتْ : قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا ،قَالَ : لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ » . قَالَتْ : فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالاً يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مَا مِنْ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي . (1) السائلة: هي أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - تقدمت ترجمتها في الحديث (6). من فوائد الحديث: 1/ الشرف العظيم الذي شهد به النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه المهاجرين إلى الحبشة. 2/ تفضيل أهل السَّفينة على مُهاجري المدينة من الحيثية المذكورة في الحديث وهي؛ ركوب البحر من مكة إلى الحبشة أرض البعداء، نَسَبًا ومكانًا، البغضاء دينًا، ومفارقة النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة إلى المؤمنين. ولا يصح تفضيل هؤلاء على غيرهم مطلقًا بل من الوجه المذكور، للإجماع على فضل أبي بكر ثم عمر على الأمة - رضي الله عنهم جميعًا –(2) . 3/ فضل الهجرة في سبيل الله، وجميل ثوابها عند الله سبحانه، قال تعالى:( الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (3) . 4/ في قول أسماء - رضي الله عنها -: «و أيّم الله لا أطعم طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ». صورة مؤثِّرة من التنافس المحمود في التقرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتوليه، وتسابق أصحابه صلى الله عليه وسلم على الاستئثار به كرامةً له وإجلالاً ومحبَّة. 5/ في قول عمر بن الخطاب لابنته حفصة « من هذه » قالت أسماء، دليل على تحجُّب الصَّحابيات - رضي الله عنهن - عن الرجال الأجانب واستتارهن حتى لا تعرف من تكون، وهي قرشية مثل عمر لكنها عادت من الحبشة عام خيبر بعد نزول آية الحجاب. 6/ في قول أسماء - رضي الله عنها -: «والله لا أكذِبُ ولا أزيغُ ولا أزيدُ عليه ..» دلالةٌ ظاهرة على تحرِّي الصِّدق في القول، والاجتهاد في نقل الخبر بتمامه لا زيادة فيه ولا تحريف، وتصديقُ النبي صلى الله عليه وسلم قولها ونقلها بلا حاجة إلى استشهاد عمر - رضي الله عنه - استنادًا إلى صحة نقلها دليلٌ على قبول خبر الواحد الحجّة الثقة. 7/ وفيه جوازُ تحديثِ المرأةِ الرجال الأجانب بما أوتيت من العلم والفقه في الدين . ألا ترى إلى أبي موسى الأشعري وأصحاب السفينة الذين يربوا عددهم على السبعين رجلاً يأتون أسماء أفواجًا جماعة بعد أخرى - رضي الله عنها - طالبين علو الإسناد عنها يسألونها عن هذا الحديث ..! لا يجدون شيئًا أشد فرحًا به ولا أعظم في أنفسهم من بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالفضل والأجر المضاعف، فعمَّ بركة سؤالها على أهل السفينة، حتى إن أبا موسى يتردد عليها مرة تلو أخرى ليستعيد البشارة منها. (1) متفق عليه رواه البخاري – واللفظ له – (346ح 4230، 4231) و (253ح 3136). بزيادة: فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا – أو قال: فأعطانا – منها وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.و مسلم في: الفضائل (1117ح 2502، 2503) . (2) ينظر: شرح الكرماني (16/106)، فتح الباري (7/619)، إرشاد الساري (8/346). (3) سورة التوبة، الآيات: 20، 21، 22.
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق