1436/1/23
حديث (..تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ... ) وحديث (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ..) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ يَوْمَ الْعِيدِ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلاَلٍ فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ فَقَالَ: « تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ ». فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فَقَالَتْ لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ : « لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ » قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتيمِهِنَّ . (1) غريبُ الحديثِ: سِطَة: أصل الكلمة الواو والهاء عوض من الواو، كعدة من الوعد أي من أوساطِهنَّ حسبًا ونسبًا والوَسَط: يأتي صفة بمعنى أفضل الشي وخياره. والوسْطُ: بسكون السين، ظرف لا اسم ، وهو بَيْنَ، تقولُ: جلستَ وسْط القوم أَيْ بَيْنَهم وهو المراد في الحديث، لا أنَّها من خيار الناس (2). سَفْعَاءُ: السُّفْعَة ، هي السَّواد ، والسَّفْعَاءُ: المرأة الشاحبة (3) ، وسَفْعَاءُ الخدَّين، هو شحوب وسواد في الوجه، والخدين ، وقيل حمرة يعلوها سواد(4). الشَّكَاة: الشين والكاف والحرف المعتل (الواو) أصلٌ واحدٌ يدلُّ على توجُّع من شيءٍ ، ويستعمل في المَوْجِدَةِ والمَرَضِ، ويكثرن الشكاة؛ هو من التَّشكي بالقول والإخبار بسوء الفعل به (5) العَشِيْر: من عشَر، العين والشين والراء أصلان صحيحان، أحدهما في عددٍ معلومٍ ثم يحمل عليه غيرهُ، والآخر يدلُّ على مداخلةٍ ومخالطة. فالعِشْرَةُ والمُعَاشَرةُ بالمعنى الثاني (6) . والعَشِير: المخالط والمراد به في الحديث؛ الزوج لأنه يعُاشِرُها وهو فَعِيْلٌ من الصُّحْبَةِ (7) . تَكْفُرْنَ : من كَفَرَ، الكاف والفاء والراء أصل صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو السَّتْر والتغطية. والكُفر: ضدُّ الإيمان، سمِّي لأنه تغطية الحق، وكفران النّعمة: جحودها وسَتْرها(8) أَقْرِطَتِهنَّ: جمع قرط وهو كل ما علِّق في شحمة الأذن من الحلي سواء كان من ذهبٍ أو خرزٍ. وقِرْطٌ جمعها قِراط وجمع الجمع أَقْرِطَة(9) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ». فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: « تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ » . قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ » . قُلْنَ: بَلَى. قَالَ : « فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا » . (10) غريب الحديث: مَعْشَر: المعْشَر كلُّ جماعة أمرهم واحد، نحو معشر المسلمين والجمع معاشر. والمعْشَر مثل النَّفر والقوم معناه الجمع، لا واحد لهم من لفظهم (11) . لُبُّ: اللام والباء أصل صحيح يدلُّ على لزومٍ وثباتٍ، وعلى خلوص وجودة، وسمي العقل لبَّا لأنه خالصه وما ينتقى منه، وخالص كل شيء لُبَابُه (12) . وقال بعضهم لبُّ الرجلِ ما جعل في قلبه من العقل (13) . السائلة في الحديثين: قال ابن حجر – رحمه الله -: لم أقف على تسمية هذه المرأة، إلا أنه يختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد بن السكن التي تعرف بخطيبة النساء، فإنها روت أصل هذه القصة في حديث من طريق شهر بن حوشب عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى النساء في جانب المسجد وأنا معهن فسمع أصواتهن، فقال: يا معشر النساء إنّكنّ أكثر حطب جهنم، فناديت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت جريئة على كلامه، فقلت: يا رسول الله لم؟ قال: «لأنكُنَّ إذا أعطيتنّ لم تشكرن، وإذا ابتُليتُنَّ لم تَصْبِرنَ، وإذا أُمسِكَ عنكُنّ شكوتُنَّ وإيَاكُنَّ وكفْر المنعمين». فقلت: يا رسول الله، وما كفر المنعمين؟ قَالَ: « المرأةُ تكونُ عندَ الرجلِ وَقَدْ وَلَدَتْ لهُ الولدين والثَّلاثَةَ فتقولُ: مَا رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ » (14) . قال ابن حجر: فلا يبعد أن تكون هي التي أجابته، فإنَّ القصَّة واحدة، ولعلَّ بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر كما في نظائره والله أعلم. ا.هـ (15) . واسمها : أسماء بنت يزيد بن السكن من بني الحارث، الأنصارية، الأوسية ثم الأشهلية، هي بنت عم معاذ بن جبل وكانت تكنى أم سلمة، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، شهدت اليرموك وقتلت يومئذٍ تسعةً من الروم بعمود فسطاطها وعاشت بعد ذلك دهرًا (16) . من فوائد الحديثين: 1/ يستحب لأهل العلم موعظة النساء وتذكيرهن بتقوى الله عزَّ وجل ومخافته والحذر من المعاصي والسيئات، وحضّهن على الصدقة والاستغفار وأفعال البرِّ، وشكر النّعم (17) . وفَهِم بعض السلف - رحمهم الله – من مناصحة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء لزومه على ولي الأمر للسنَّة الماضية في ذلك. كما في رواية البخاري – في المتابعة الماضية – قال ابن جريج لعطاء: أترى حقًا على الإمام ذلك؟ يُذَكّرهن؟ قال: إنَّه لحقٌّ عليهم، وما لهم لا يفعلونه؟. 2/ من السُنَّة مباعدة النساء عن الرجال في مجالس العلم والذكر وغيرها، التي يحضرها الجنسان في وقت واحد، كشهود صلاة العيد واستماع الخطبة، والموعظة والدروس. وتخصيص النسوة بمكان معزول عن الأجانب – مع استتارهن بالحجاب – احتياطٌ للحرمات، وصيانة لفضول الفكر والنظر ودرء للريب ورعاية لحدود الله عز وجل. قال ابن حجر – رحمه الله -: في مجيء بلال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النساء أدب شريف في مخاطبة النساء في الموعظة أو الحكم وهو أن لا يحضر من الرجال إلا من تدعو الحاجة إليه من شاهد ونحوه، لأن بلالاً كان خادم النبي صلى الله عليه وسلم ومتولّي قبض الصدقة (18) . 3/ من آداب النَّصيحة جواز الإغلاظ فيها بما يكون سببًا لإزالة الصفة المعَابة، مع العتاب بأسلوب التعميم الذي يَسْهُل به الوصول إلى حسِّ السَّامع والتَّأثير فيه، وإشعاره بقيمته وأهميَّته والعناية به وتسليته. وتحاشي الإنكار عليه - مواجهةً بعينه دون سائر المجموعة - بالنصيحة المباشرة والشدَّة لأنه لا يكاد يثمر (19) . 4/ وفيه شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأمة رجالاً ونساءً ومحضهم النصح والتعليم، وهدايتهم لما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم، بالرفق والصبر على جاهلهم واللين لهم حتى يأنس السامع بمراجعته فيما لا يظهر له معناه ولا يدرك فهمه ويطيب نفسًا بسؤاله، كما استفهمت تلك المرأة عن علَّة الحكم (20) . 5/ مذهب أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان ، قبل الخلق، وأنه تعالى خلق لهما أهلاً. واطلع النبي صلى الله عليه وسلم فيهما ورآهما رؤية عيان حقيقة لا رواية علم، ورأى نساء الدُّنيا أقل أهل الجنة وأكثر أهل النار كما في حديث المتن، وللحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إن أقلَّ ساكني الجنَّة النساءُ » (21) . ولقوله عليه الصلاة والسلام: « اطّلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء » (22) . ومن أسباب كونهن أكثر أهل النار؛ كثرة اللعن والشكاة، وكفران العشير وأنهن سبب لإذهاب عقل الرجل الحازم حتى يفعل أو يقول ما لا ينبغي، فيشاركنه في الإثم ويزدن عليه. فينبغي الحذر من الافتتان بهن (23) . 6/ في الحديث إطلاق الكفر على بعض المعاصي، ولا يراد به الكفر بالله النَّافي مطلق الإيمان المخرج عن الملة المخلِّد في النار، بل هو كفر دون كفر وسمِّي بذلك لأنه ينفي الإيمان المطلق، التام، وينقصه بحسب معصيته، ويبقى على صاحبه اسم الإيمان وأصله (24) . ومما يستدل لذلك قوله تعالى : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )(25) فسمَّاهما مؤمنين مع ارتكابهما كبيرة القتل التي سمَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم كفرًا في قوله «سباب المسلم فسوقُ وقتاله كفر» (26) . 7/ المراد بكفران العشير؛ هو جحود إحسانه والتَّنكر لنعمته ونسيان عطائه، وجاء هذا المعنى مفسرًا في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «أُريتُ النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن ».قيل: أيكفرن بالله؟ قال: «يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط » (27) ومعنى (رأت منك شيئًا)؛ أي شيئًا قليلاً حقيرًا لا يوافق مزاجها ولا يعجبها. فدَّل هذا الحديث على أن الإصرار على استقلال خير الزوج وجحود نعمته سبب كافٍ لوصفه بالكفر، وكونه من الكبائر المتوعد عليها بالتعذيب بالنار، لا ما يصحبه من إساءة العشرة ومعصية الزوج ونحو ذلك (28) . 8/ وصف معصية كفران العشير بهذا لدقيقة بديعةٍ وهي قوله صلى الله عليه وسلم : « لَو أَمرتُ أَحَدًا أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجها من عظيم حقِّه عليها، ولا تجدُ امراةٌ حلاوةَ الإيمانِ حتى تؤدي حقَّ زوجها، ولو سألها نفسهَا وهي على ظَهْرِ قَتَب»(29) فقرن حقَّ الزوج بحقِّ الله عزَّ وجل، لأن شكر نعمة الزوج هو من باب شكر نعم الله، التي أجراها على يد عباده، والتفريط في حق الزوج – الذي فضّله الله حتى بلغ من حقه عليها هذه الغاية وهي السجدة التي لا تحل إلا له - مؤذنٌ بالتفريط والتهاون في أداء حقِّ ربَّها تبارك وتعالى. فناسب وصف تلك المعصية بالكفر تغليظًا على فاعلها وتحذيرًا من انتقاص الإيمان بها، والمعاقبة عليها بالنار ، ومبالغةً بالحضِّ على أداءِ المرأة حقوق زوجها وطاعته وبرِّه (30) 9/ التحذير من اللعن وأن الإكثار منه، يجعله كبيرة. والمراد به ؛ الطرد والإبعاد عن رحمة الله ، ولا يجوز الدعاء بحرمانها ومنعها عمن لا تعرف حاله وخاتمة أمره معرفة قطعية، سواء كان مسلمًا أو كافرًا أو دابَّة. - ويستثنى من ذلك لعن (المعيَّن) إذا علمنا بنصٍّ شرعي أنه مات على الكفر أو يموت عليه، مثل أبي جهل، وإبليس. - ويجوز اللعن بـ (الوصف) مثل لعن الواصلة والمستوصلة ونحوها، مما جاءت به الأدلة الشرعية (31) . 10/ ذمُّ كثرةِ الشكوى إلى الخلق تعريضٌ باحتمال ما قلَّ منها على وجه البثَّ والسلوى أو طلب النفع ودفع اللأواء - لا جزعًا من المقدور أو ضجرًا من البلوى -، إذا انتاب المرء ما يحزن قلبه، ويكدّر باله، ويضيق صدرًا بكتمانه. و في هذا حكمة ربانية عظيمة فإن كثرة الشكوى و تكرار الحديث عن البلوى يرسخ الهم في القلب و يعمّق الألم في النفس و يقيد الشاكي في دائرة ضيقة معتمة من الأحزان لا يرى سواها تحجبه عن الفضاء الرحب المشرق بالتفاؤل والاستبشار بالخير و السعد . 11/ دفع الإثم ورفع البلاء وتكفير الخطايا بالصدقة، وكثرة الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى. قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )(32) وقال سبحانه: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )(33) . قال ابن بطال - رحمه الله -: الحديث دليل على أن الصَّدقة تكفِّر الذنوب التي بين المخلوقين اهـ. بعد ردِّ المظالم إلى أهلها أو تحلّلهم منها، فإنه من تمام التوبة في حقِّ المسلم (34) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمةٌ لأخيه فليتحلَّلْهُ منها، فإنَّه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا درهمٌ، من قبل أن يُؤْخَذَ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسناتٌ أُخِذ من سيئات أخيه فَطُرِحَت عليه»(35) . فإن تعذَّر التحلّل من المظلوم – المُعْتَدى عليه بالقول أو الفعل – لعدم معرفته أو ترتَّب عليه مفسدة أعظم فيهرع إلى الدعاء له والقيام بما ذُكر من الأعمال الصالحة. 12/ المراد بالنقص في عقول النساء هو قصور إحداهن عن إتمام الشهادة حتى تستظهر بأخرى، وهذا مؤذن بقلَّة ضبطهن ونسيانهن قال تعالى:( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا) (36) . ونقصان الدين؛ بترك الصلاة والصوم زمن الحيض، ولا تأثم به لأنه من أصل الخلقة، ويبقى نقصًا نسبيًا مقارنة بالرجل المصلِّي، وربما تثاب على ذلك لامتثالها وجوب الترك، أو تثاب قياسًا على المريض الذي اعتاد أداء الطاعات ثم عجز عن القيام بها لأجل المرض(37) . وذلك النقص في الحديث لا يفهم منه اللوم والتعيير كما يظنّ كثير من الناس، بل سيق تنبيهًا لطيفًا للرجال (وخاصَّة الأزواج) على الصَّبر عليهن – والرِّفق بهن ورحمتهن وإعذارهن إذا سهون، وأخطأن ، ومسامحتهن عن تحمّل الأعباء والمهمات الجسام في وقت الحيض والنفاس، اقتداء بعفو الله عنهن بترك بعض فرائض الدين وأركان الإسلام. 13/ في وصف النبي صلى الله عليه وسلم النساء بقدرتهن على « إذهاب لبِّ الرجل الحازم» ثناء ومَدح وإطراء جميل تطربُ له المرأة؛ لأنه يتناسب مع فطرتها وجاذِبيَّتها وأنوثتها وما أودع الله فيها من ملكة ا لجمال وأسرار الدلال، التي تمتاز بها عن سائر الرجال (38) ، مع تنبيه الرجل من الغواية بسببهن. 14/ وفي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النساء أكثر حرصًا وجودًا بالصدقة لقوله في رواية مسلم عن إسماعيل بن جعفر به: «وَكَانَ أَكْثَرُ مَنْ يَتَصَدَّقُ النِّساءُ » وفي مبادرتهن إلى الصدقة بما يعزّ عليهن من حليهن مع ضيق الحال في ذلك الوقت دلالة على رفيع مقامهن في الدين وحرصهن على امتثال أمر رسول الله، وفيه أنه يجوز لهن ذلك الإنفاق من مالهن من غير توقّف على إذن الزوج أو ولي الأمر، ووجه الدلالة من الحديث؛ مبادرة النساء إلى بذل قلائدهن وأقرطهن وخواتيمهن يقذفنها في ثوب بلال - رضي الله عنه - مع ترك الاستفصال عن ذلك كله (39) .
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق