1435/6/1
قصة موت أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم على دين قومه عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ :« أَىْ عَمِّ ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ » . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ: تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَالاَ يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَىْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم : « لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ » . فَنَزَلَتْ ( مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) وَنَزَلَتْ ( إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ) (1). شرح المفردات(2): (عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ) هو سعيد بن المسيب بن حزن قال العلماء: يحتمل أن يكون المسيب حضر هذه القصة، وكان الثلاثة يومئذ كفارا فمات أبو جهل على كفره وأسلم الآخران . ( لما حضرت أبا طالب الوفاة ) حضرت علامات الوفاة، وإلا فلو كان انتهى إلى المعاينة لم ينفعه الإيمان لو آمن ، ويدل على الأول ما وقع من المراجعة بينه وبينهم. ( آخر ما كلمهم به: على ملة عبد المطلب) وفي رواية " هو على ملة عبد المطلب " وأراد بذلك نفسه. ويحتمل أن يكون قال " أنا " فغيرها الراوي أنفة أن يحكي كلام أبي طالب استقباحا للفظ المذكور؛ وهي من التصرفات الحسنة . من فوائد الحديث (3): أبو طالب بن عبد المطّلب هو عم الرسول صلى الله عليه وسلم، كَفَل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موت جدّه عبد المطّلب، وبقي أبو طالب حول الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها، يدافع عنه، ويحميه، إلى سنة ثمان من البعثة، وهو لم يفارقه، يدافع عنه، ويحميه من أذى قومه، ويصبر معه على مضايقات المشركين، وبذل معه شيئاً كثيراً، وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على هدايته، لعلّ الله أن ينقذه من النار، ومن ذلك أنه لما حضرته الوفاة جاء إليه، لعله يسلم وينقذ نفسه من النار، ولكن الله بحكمته البالغة لم يكتب له الهداية فمات على دين قومه. حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الدعوة إلى الله، وصبره على ذلك. خطر الرفقة السيئة، وأنها من أعظم أسباب الغواية والضلال، وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم جليس السوء بنافخ الكير ؛ إما أن يحرق ثيابك ، أو تجد منه رائحة كريهة. أهمية البداءة في الدعوة إلى الله، بالدعوة إلى التوحيد لأنه أصل الدِّين الذي لا يصح شيء إلا به. لما نزل قوله تعالى : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }، انتهى صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لعمه أبي طالب ، وتبرأ من الشرك وأهله . ولكن الله عز وجل أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يشفع له، لأنه قام بسعي مشكور في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام. فشفع النبي صلى الله عليه وسلم فيه فكان في ضحضاح من نار، وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار". أن الأعمال بالخواتيم، فلو أسلم أبوطالب لنفعه ذلك. أن الهداية في كتاب الله تجيء ويراد بها تارة الدلالة والإرشاد فالنبي صلى الله عليه وسلم يهدي إلى صراط مستقيم ، أي يدل الناس عليه ويدعوهم إليه بأقواله وأفعاله وأخلاقه الكريمة كما قال تعالى في { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }[الشورى:52]، وتأتي الهداية ويراد بها التوفيق والإلهام، كما في قول الله تعالى: { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ }[ القصص:56] ومعناها : أن الله - جل وعلا - يجعل في قلب العبد من الإعانة الخاصة بحيث يقبل الهدى ويسعى فيه . فجعل هذا في القلوب ليس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء ، فهو وحده الذي يجعل من يشاء مسلما مهتديا، مما يوجب تعلق القلوب بالله تعالى وحده. (1) متفق عليه، صحيح البخاري، رقم (3884)، ومسلم، رقم (141). (2)فتح الباري - ابن حجر (13 /294). (3) انظر: المرجع السابق.
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق