1434/10/22
بيت النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلاّ على الظالمين، ولا إله إلا الله إلهُ الأولين والآخرين، وقيوّم السماوات والأرضيين، ومالك يوم الدين، الذي لا فوز إلا في طاعته، ولا عزّ إلا في التذلل لعظمته، ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته، ولا هدي إلا في الاستهداء بنوره.
والحمد لله الذي شهدت له بالربوبية جميع المخلوقات، وأقرت له بالألوهية جميع مصنوعاته، وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، المبعوث بالدين القويم، والمنهج السليم، أرسله الله رحمة للعالمين ؛ وإماماً للمتقين ؛ وحجة على الخلائق أجمعين.
((اختاره الله واصطفاه، واختصه لنفسه وارتضاه، فإنه تعالى طيب لا يقبل إلا طيب، ومحمد صلى الله عليه وسلم طيب ؛ وله أيضاً من الأخلاق أطيبها وأزكاها كالحلم، والوقار، والسكينة، والرحمة، والصبر، والوفاء، وسهولة الجانب، ولين العريكة، والصدق وسلامة الصدر، والتواضع، وخفض الجناح لأهل الإيمان والعزة، والغلظة على أعداء الله، والعفة، والشجاعة، والسخاء، والمروءة، وكل خُلُقٌ اتفقت الشرائع والفطر والعقول على حسنه، وكذلك لا يختار من المنَاكِحِ إلا أطيبها وأزكاها، ومن الأصحاب والعشراء إلا الطيبين منهم، فروحه طيب، وبدنه طيب، وخلقه طيب، وعمله طيب، وكلامه طيب، ومطعمه طيب، ومشربه طيب، وملبسه طيب، ومنكحه طيب، ودخله طيب، ومخرجه طيب، ومنقلبه طيب، ومثواه طيب.
ومن هنا نعلم اضطرار العباد إلى معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضى الله البتة إلا على أيديهم، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاؤوا به، فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فُرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير، وما ظنكِ بمن إذا غاب عنكِ هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك، وصار كالحوت إذا فارق الماء، ووضع في المقلاة، فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل كهذه الحال، بل أعظم، ولكن لا يحس بهذا إلاّ قلبٌ حي.
وإذا كانت سعادة العبد في الدارين مُعلّقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه، وأحب نجاتها وسعادتها، أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرجُ به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه، والناس في هذا بين مُستقلٍّ ومُستكثر ومحروم، والفضل بيد الله يُأتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم))(1).
لماذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت؟
للإجابة على هذا السؤال عدة جوانب :
أولاً : عدم تحقق محبة النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ بمعرفة هديه.
ثانياً : الحملة العالمية الشرسة على شخص النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً ": انبهار المسلمين بالنظريات الفكرية الوافدة وتطبيقها على الحياة
(كيف تُربّي نفسك – كيف تنجح في حياتك الزوجية – كيف تتعامل مع الناس).
بيت النبي صلى الله عليه وسلم :
إنه بيت أساسه التواضع، ورأس ماله الإيمان، بيت نبوي مبارك، لا شرقي ولا غربي، فيه عظة وعبرة، وسيرة وقدوة، واتباع واقتداء، في زمن طغت فيه الماديات وتباهى فيه الناس بأغلى المفروشات، تكاثر وتفاخر، بالدور والقصور، مُجَملة الظاهر، مزينة بالنمارق ولكنها خاوية الروح، وفاقدة الأنس بالله.
1- حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم :
كانت الحجرات مبنية من جريد عليه طين، بعضها من حجارة مرضومة(2) وسقوفها كلها من جريد.
قال الحسن البصري : (كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان بن عفان فأتناول سقفها بيدي) (3).
وعن داود بن قيس قال : (رأيت الحجرات من جريد النخل مغشى من خارج بمسوح الشعر، وأظن عرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت نحواً من ست أو سبع أذرع، وأحزر البيت عشر أذرع، وأظن سمكه بين الثمان والسبع ونحو ذلك، ووقفت عند باب عائشة فإذا هو مستقبل المغرب)(4).
إنه بيت متواضع وحجر صغيرة، لكنها عامرة بالإيمان والطاعة وبالوحي والرسالة.
قال سعيد بن المسيب يوم أدخلت الحجرات في مسجد رسول الله : (والله لوددت أنهم تركوها على حالها ينشأ ناشئ من أهل المدينة، ويقدم القادم من الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر، وقال أبو أمامة يومئذ : ليتها تركت فلم تهدم حتى يقصر الناس عن البناء، ويروا ما رضي الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ومفاتيح خزائن الدنيا بيديه)(5).
يتبع في الحلقة القادمة
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق