1434/9/14
لصوص رمضان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن الله عز وجل يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فيلاحظ أنه قال: (تَتَّقُونَ) ولم يقل: لعلكم تجوعون أو تعطشون أو تتعبون... وهذا يعطي دلالة واضحة على أهمية الصيام في تحقيقه للتقوى، ولذلك فمن الواجب علينا السعي لتحقيق التقوى في صيامنا؛ وإذا أردنا ذلك فليصم القلب والجوارح ؛ فالقلب يصوم عن الحقد والضغينة، والعين تصوم عن النظر الحرام، والأذن تصوم عن سماع الغنا، واليد تصوم والقدم تصوم، وكلك تصوم عن الحرام، تعظيما للملك العلام... ويجدر التنبيه هنا: عن عدم وجود الفارق في ذلك قبل الإفطار أو بعده... فلننتبه من اللصوص الذين يريدون سرقة أجر الصيام!!! نعم هناك لصوص قد فرّغوا أنفسهم ونذروها لإضاعة جهد الصائمين، الذين ما فتئوا يقرأون القرآن في أثناء النهار فيُغيروا على الصائمين ويذهبوا بتلك الأجور!!! إنهم أولئك أصحاب الأفلام، الذين غلب على ظنهم الخسران والحرمان في رمضان، فأبوا على الجميع إلا الخسران معهم ... إخواني الفضلاء: لا يشك أحد أن تلك الأفلام قد احتوت على المحاذير الشرعية الكثيرة التي لا يشك في حرمتها أحد ؛ لا سيما وأنه في الآونة الأخيرة قد تجرأ كثير من أولئك اللصوص على الاستهزاء بشعائر الدين ومسلماته وأسسه وعلمائه، إضافة إلى ما يكون فيها من تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال... وكل ذلك - ويا للأسف - يروج له باسم الفن والنقد وحل قضايا المجتمع، بل ويتبجحون بعد ذلك بقولهم: (في ظل ضوابط الشريعة السمحاء)!!!!! وإني لأعجب: أي ضوابط يعنون!! وأي شريعة تلك التي يقصدون!! وأي قضايا تلك التي ينقدون!!! واعجبا لهؤلاء أفلا يقرأون قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)، وفي قوله تعالى: (بَعْدَ إِيمَانِكُمْ): رد صريح على من زعم أن الآية إنما نزلت في المنافقين، بل نزلت قوم كانوا مؤمنين ومجاهدين في جيش سيد المرسلين!! فحكم رب العزة جل جلاله وتقدست أسماءه بكفرهم من فوق سبع سماوات... وأعجب أيضا حينما يُغلق هؤلاء آذانهم عن اللعنة الصريحة المباشرة الغير قابلة للتأويل من النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تشبه من الرجال بالنساء أو النساء بالرجال، بل قال كما في حديث ابن عباس عند البخاري: (أخرجوهم من بيوتكم) .. فيا لله!! أين نصرف ذلك التحريم ؟! وكيف نأول تلك اللعنة الصادرة ممن هو أحب إلينا من أنفسنا ووالدينا صلى الله عليه وسلم ؟!!! ولذلك: فقد أفتى الراسخون في العلم من علماءنا الأجلاء بتحريم إقرار تلك الأفلام والنظر إليها ؛ وذلك لأن النظر بمثابة الإقرار، والله عز وجل يقول لنا: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ). أما والله إن المفرط من تعرض لغضب الجبار، أو لعنة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم ... فحذار ثم حذار منه لا تعرف الحق وتنأى عنه وأخيرا أقول: يجب علينا التذكير والنصح لمثل هؤلاء، وتخويفهم بالله تعالى، فإن في ذلك الإعذار إلى الله؛ والنفوس قد جبلت على الخير، وغرس في فطرتها النور، وقد يضعف النور أحيانا فيحتاج إلى من يحرك ذلك النور، وهذا لا يتأتّى إلا بالنصح والتذكير، فلا ييأسن أحد من النصيحة والكلمة الطيبة بالموعظة والحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن... وإن رمضان أيام قلائل وينقضي، فلنتزود فيه من الطاعات،ودعاء رب البريات، ولا نكون كمن قال الله عنه: (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً)، أي: لا تكونوا معشر المؤمنين مثل تلك المرأة التي غزلت غزلا فأحكمته، ثم لحمقها جعلته محلولا كما كان قبل أن تغزله، فتعبت نهارا بالغزل ثم أذهبت جهدها سدى وعملها ضياعا... وهذا حال من تعبد في النهار، ثم أضاع أعماله في آخره .. فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر ... نسأل الله عز وجل أن يلهمنا الصواب ويغفر لنا زللنا، إنه هو التواب، وأن يوفقنا لقيام رمضان إيمانا واحتسابا إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
بقلم ( عبدالملك الجاسر )
-
تصلك هذه الرسالة لكونك مشتركاً في القائمة البريدية لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها.
-
لإلغاء الإشتراك من القائمة البريدية يرجى الدخول إلى الصفحة الرئيسة لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها:انقر هنا...
-
تصلك هذه الرسالة من بريد مخصص للإرسال فقط، إذا كان هناك أي استفسار أو تعليق انقر هنا...
-
لدعوة أصدقائك لزيارة موقعنا انقر هنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق